وصلتني رسالة إلكترونيّة يدعوني فيها أحد الأصدقاء لمشاهدة فيديو على الإنترنت. فتحت الرّابط الذي وضعه لي وإذ بفرقة موسيقيّة ومغنّين يبلغ عددهم تقريباً 20 شخصاً، تعزف لحناً شرقيّاً عذباً ومفرحاً في آن معاً.
استمعت جيّداً للكلمات، وإذ هي غير عربيّة، بل عبريّة، وبعد دقيقة بدأت أسمع كلمات عربيّة، استنتجت مباشرة أنّ الأغنية هي خليط لعرب ويهود في المكان نفسه وفي أغنية واحدة.
راجعت كتب التّاريخ في ذهني وصور من نشرات أخبار كثيرة شاهدتها خلال آخر 20 سنة من حياتي، وفيها العنف اليهودي ضد العرب والمجازر التي قام بها الصّهاينة، تحرّك الدّمّ في عروقي بقوّة أكثر وللحظة كنت سأوقف الفيديو الذي يغنّي فيه العرب مع اليهود.
لكنّني فضّلت أن أستمع للأغنية كاملة وأن أفهم القصد منها والغاية التي يريد أصحاب هذا العمل أن يوصلوها إلى المشاهد والمستمع. وفعلاً وصلت الرّسالة كاملة في نهاية الأمر.
الدّعوة كانت لاختبار السّلام الحقيقي الذي يعطيه الرّبّ يسوع المسيح. ليس السّلام الذي يتكلّم عنه السّياسيّون أو دول العالم الأوّل. بل هو سلام إلهي ينسكب في قلب الإنسان، فيرى غيره الإنسان بمنظور إلهي وليس بمنظور بشري.
لذلك عندما يدخل سلام المسيح قلب العربي، يستطيع أن يقبل المسيحي من خلفيّة يهوديّة كأخ له في المسيح وأن ينشد معه الأغاني. لأنّ المسيح يوحّد الكلّ تحت رابطة أكثر قوّة من الرّوابط العائليّة أو العرقيّة أو الحزبيّة أو الطّائفيّة، الرّابطة هي أن يصبح العربي واليهودي أخوة في المسيح. وأتذكّر أنّ هذا المفهوم وصلت إليه الكنيسة الأولى في بداية عهدها عندما كان كلّ من فيها يهود مؤمنين بالمسيح مخلّصاً وربّاً وسيّداً، وبدأ ينضمّ إليهم مؤمنين بالمسيح لكن ليسوا يهوداً، فكتب قادة الكنيسة في أورشليم (القدس) إلى قادة الكنيسة في أنطاكيا (جنوب غرب تركيّا) كي يقبلوا هؤلاء كأخوة لهم في المسيح، قائلين: "الرُّسل والمشايخ والأخوة يهدون سلاماً إلى الأخوة الذين من الأمم في أنطاكيا وسورية وكيليكية" (أعمال 15: 23).
فبعد أن كان اليهود أعداء مع الأمم (الرّومان المحتلّين) أصبحوا أخوة بسبب إيمانهم بالمسيح ربّاً ومخلّصاً. فلماذا لا نفكّر نحن كعرب تجاه اليهود المؤمنين بالمسيح على أنّهم أخوة لنا في المسيح ونقبلهم واضعين خلفنا كلّ الأحقاد ومشاعر الكراهية؟
إن أردت أن تتكلّم مع خليل إبراهيم مباشرة اتّصل على هذا الرّقم: 22 48 13 13 96 00