اشتهر إبراهيم بأيمانه العظيم بالله. قال الله لإبراهيم : "اذهب من أرضك ومن عشيرتك ومن بيت أبيك إلى الأرض التي أريك". فأطاع إبراهيم الله طاعة تامة ، وترك أرضه وعشيرته وبيت أبيه وهو لا يعلم إلى أين يقوده الله. وكلّم الله إبراهيم قائلا : "أجعلك أمة عظيمة وأباركك وأعظّم اسمك، وتكون بركة. وأبارك مباركيك وألعن لاعنيك. وتتبارك فيك جميع أمم الأرض".
كان لإبراهيم ابنان هما إسماعيل وإسحاق. وكان إبراهيم يحبّهما. وفي ذات يوم بينما هو يصلي، قال لله: "ليت إسماعيل يعيش أمامك". كانت أمنية إبراهيم أن يجد إسماعيل ونسله نعمة لدى الله. فأجاب الله طلبة إبراهيم قائلا : "أما إسماعيل فقد سمعت لك فيه. ها أنا أباركه وأثمره وأكثّره كثيرا جدا جداً فيكون أباً لاثني عشر رئيسا، وأجعله أمّة كبيرة".
إن الله يريد لأولاد إسماعيل، وللناس أجمعين، عيشة مرضيّة أمامه. ولكن لا يمكن أن يقبل الله أحدا وهو بعد في خطاياه.
قلنا في أول هذا الدرس إن إبراهيم اشتهر بإيمانه العظيم. وقد حصل أعظم امتحان لإيمان إبراهيم عندما قال له الله أن يأخذ ابنه إسحاق ويقدّمه ذبيحة له. ففي ذات يوم دعا الله إبراهيم وقال له : "يا إبراهيم". فقال إبراهيم "هأنذا". فقال الله : "خذ ابنك وحيدك الذي تحبّه إسحاق، واذهب إلى ارض المريّا وأصعده هناك محرقة على أحد الجبال الذي أقول لك".
فبكّر إبراهيم صباحا، وشدّ على حماره، وأخذ اثنين من غلمانه معه، وإسحاق ابنه. وبعد مسيرة ثلاثة أيام رفع إبراهيم عينيه وأبصر من بعيد الموضع الذي قال له الله. فقال إبراهيم لغلاميه : "اجلسا أنتما هاهنا مع الحمار. وأما أنا والغلام فنذهب إلى هناك ونسجد ثم نرجع إليكما".
وبينما إبراهيم وابنه إسحاق يسيران باتجاه ذلك الموضع، سأل الغلام أباه وقال: "يا أبي هوذا النار والحطب، ولكن أين الخروف للمحرقة؟ " فقال إبراهيم : "الله يدبر لنفسه الخروف للمحرقة يا ابني".
ولما أتيا إلى الموضع الذي قال له الله، بنى هناك إبراهيم المذبح، ورتّب الحطب، وربط إسحاق ابنه ووضعه على المذبح فوق الحطب. ثم مدّ إبراهيم يده وأخذ السكين ليذبح ابنه.
"فناداه ملاك الرب من السماء وقال: إبراهيم إبراهيم". فقال : "هأنذا".
فقال الملاك : "لا تمدّ يدك إلى الغلام ولا تفعل به شيئا. لأني الآن علمت أنك خائف الله".
"فرفع إبراهيم عينيه ونظر وإذا كبش وراءه ممسكا في الغابة بقرنيه. فذهب إبراهيم وأصعده محرقة عوضا عن ابنه".
كان الكبش بديلا من الغلام، فسُفك دمه عوضا عن إسحاق.
أما انك خاطئ فحقيقة لا شك فيها. والحال، لا يمكن أن يتغاضى الله عن الخطية، بل ينبغي أن تنال الخطية جزاءها. والكتاب المقدس يقول : "أجرة الخطية هي موت".
كيف النجاة من هذه الدينونة؟ إن ابن إبراهيم كان على وشك أن يُذبح ولكن الله نفسه دبّر الكبش بديلا من إسحاق. وذبح الكبش عوضا عن ابن إبراهيم.
كما ناب الكبش عن ابن إبراهيم ينبغي أن يكون لك بديل ينوب عنك. ويجب أن يكون هذا البديل منزّها عن كل خطية، لأنه إن كان له أدنى خطيّة فلا يستطيع أن ينزع خطيتك. حاجتك العظمى إذاً هي إلى بديل يقدر ويريد أن ينزع خطيّتك. هذا البديل ليس خيالا بل حقيقة، وقد تحمّل دينونة الله عوضا عن جميع البشر.