الكتاب المقدس يعلن لنا خطة الله للبشرية، وهو يكلمنا عن الحوادث الماضية والحاضرة والآتية. من البديهي أن مستقبل هذا العالم ومستقبل كل فرد منا هو، بالنسبة لله الأزلي، بمثابة كتاب مفتوح. يقول الوحي الإلهي بفم إشعياء النبي :
"أنا الله وليس آخر...
مُخبِرٌ منذ البدء بالأخير،
ومنذ القديم بما لم يُفعَل.
أقول: رأيي يقوم
وأفعل كل مسرّتي".
وبموجب خطة الله الأزلي القدير، الكاملة، كان ينبغي أن موت مسيح الله يكون متبوعاً بانتصار الحياة. وهذا الواقع الفريد المعجز، أعني قيامة المسيح، هو ما رآه مسبقاً داود النبي حوالي ألف سنة قبل مجيء يسوع، وهتف قائلاً:
"لن تترك نفسي في الهاوية، ولا تدع قدوسك يرى فساداً"
ما كان للفساد أن يحلّل جسد ذلك الذي عاش معصوماً من كل خطية. وفي الواقع، نعلم من الإنجيل أن المسيح بعث حيّاً ثلاثة أيام بعد موته ودفنه. وظهر حيّاً لشهود كثيرين طيلة الأربعين يوماً التي قضاها بعد قيامته. ثم صعد إلى السماء كما سبق أن أخبر بذلك تلاميذه إذ كان معهم على الجبل. وتحتوي أواخر الكلمات التي وجّهها إليهم وعدا بديعاً. قال لهم : "ستنالون قوّة متى حل الروح القدس عليكم وتكونون لي شهوداً... ولما قال هذا ارتفع وهم ينظرون. وأخذته سحابة عن أعينهم".
ولقد أنجز يسوع هذا الوعد البديع عشرة أيام بعد صعوده إلى السماء، إذ سكب على المؤمنين به روحه القدوس. لقد أُعطي يسوعُ كُلَّ سلطان في السماء وعلى الأرض. وهو الآن حيّ لدى الآب، يقوّي ويرشد، بواسطة روحه القدوس، جميع الذين ألقوا عليه مرساة إيمانهم وثقتهم.
رجوع المسيح
الكتاب المقدس يعلن أن سيدنا يسوع المسيح سيرجع شخصياً وجسدياً، وأنه سيرجع بقوة وبمجد عظيم، مصحوباً بملائكته. إن رجوعه سيكون على بغتة : "أما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد... إلا الآب"
"كونوا مستعدين لأنه في ساعة لا تظنون يأتي ابن الإنسان" وعند رجوعه "ستنظره كل عين" والجميع يعرفونه.
إن يسوع المسيح جاء المرة الأولى ليخلّص الناس الهالكين. وهو اليوم ما يزال مخلّصك وسيدك إن جعلت فيه إيمانك وثقتك. ولكن إن تهاونت في التوبة عن خطاياك وفي إلقاء رجائك عليه فسيكون عند رجوعه، هو الدّيان الذي يحكم عليك. وهيهات المفرّ من حكمه الرهيب.
يوم الدينونة
هناك حادث مستقبل آخر يعلنه الكتاب المقدس، ألا وهو يوم الدين. من يؤمن بيسوع المسيح "فله الحياة الأبدية ولا يأتي إلى دينونة". أما الذين يرفضون يسوع المسيح، أو يتغاضون عنه، فسيمثلون أمام عرش مجده لكي يحاكمهم على خطاياهم. أمام عرش الديان تنكشف السرائر، ولا تخفى عنه خافية. والحكم الذي يصدره الديان هو حكم فصل نهائي يؤدي إلى عقاب أبدي.
جهنم
إن العقاب الأبدي، أو الجحيم، لحقيقة مروّعة تقوم على الانفصال الأبدي عن الله وعلى العذابات الأبدية الناجمة عن هذا الانفصال. الكتاب المقدس يصف الجحيم بعدة تعابير، منها "الظلمة الخارجية" و"عقاب النار الأبدي" و"النار التي لا تطفأ" و"أتون النار والكبريت" و"مكان البكاء وصرير الأسنان" الخ...
هذه العقوبة المريعة مُعَدَّة لِمَن أغفلوا الخلاص المجاني الذي يقدمه لهم الله في شخص يسوع المسيح. يصرّح الكتاب المقدس أن نصيبهم يكون في البحيرة المتقدة بالنار، ويصعد دخان عذابهم إلى أبد الآبدين، ولا تكون لهم راحة نهاراً وليلاً.
السماء
ليس للناس بعد الموت إلا أحد مصيرين: إما السماء وإما جهنم. أما السماء فهو الموطن المُعَدّ لكل الذين جعلوا ثقتهم في يسوع المسيح فطهّرهم من خطاياهم بدمه المسفوك فداء عنهم. هؤلاء يحيون في شركة أبدية مع الله. ويكون نصيبهم الفرح الأبدي في حضرة الرب الذي "يرعاهم ويقتادهم إلى ينابيع ماء حية، ويمسح كل دمعة من عيونهم. ولا يكون ليل هناك، ولا يحتاجون إلى سراج أو نورِ شمسٍ لأن الرب الإله ينير عليهم وهم سيملكون إلى أبد الآبدين".
ما دمنا في قيد الحياة على هذه الأرض وما دمنا بانتظار رجوع المسيح نملك حرية اختيار الطريق المؤدي إلى الحياة الأبدية وإلى السماء. نعلم يقيناً أن ليس إلا إله واحد، وينبغي أن نعلم أن ليس الا طريق واحد للتقرّب الى الله : هذا الطريق هو ما يرشدنا اليه ويكشفه لنا الأنبياء. وما هذا الطريق إلا يسوع المسيح فقد نزل من عند الآب وتشبّه بنا في كل شيء ما عدا الخطية، وكالحمل المنزّه عن كل عيب وخطية بذل ذاته ذبيحة عن خطيتنا. لقد تفرّد بقيامته المجيدة من بين الأموات، وتفرّد بجلوسه عن يمين العظمة. "وهو، لذلك، قادر دائماً ان يحقق الخلاص الكامل للذين يتقربون به إلى الله. فهو، في حضرة الله، حي على الدوام ليتضرع من أجلهم ويحامي عنهم.".
"هوذا الآن وقت مقبول. هوذا الآن يوم خلاص". كل واحد منا يمكنه أن يعدل، الآن، عن طريق الهلاك الأبدي الذي هو نصيب كل خاطئ منفصل عن الله. إن الشيطان يريدنا أن نظل سائرين في طريق الهلاك، ولكننا نملك الحرية التامة أن نبتعد عن هذا الطريق، ونملك حرية أن نتبع يسوع المسيح الحي ونعمل بإرادته.
هل تريد اليوم، بل الآن، أن يطهّرك يسوع المسيح من خطيتك وتتقدم به إلى الله واثقاً تمام الثقة بيقين حصولك على الغفران؟ هل تريد السير في الطريق المؤدي إلى الحياة. قال يسوع: "أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي".