أخي المحرّر مشكلتي هي مشكلة عاطفيّة أو ليست عاطفية؟ أُحكم أنت بنفسك وأرجو أن أجد لديك إجابة أو نصيحة شافية
منذ صغري أحببت فتيات وأحبّتني فتيات ولكن لم تصادف ولا مرّة أن كان الحبّ من طرفين حتّى يمكن أن يتوَّج بشكل صحيح وهو الزّواج.
مع الوقت ونضوج عقلي ابتعدت عن أي علاقة عاطفيّة ورسمت لنفسي صورة نموذجيّة للزّوجة المناسبة لي من حيث أخلاقها وحُسن دينها وجمالها وميولها أيضاً، ولم أربط هذه الصّورة بالحُبّ إطلاقاً لأنّي بدأت أشعر أنّه ليس شيء أساسي لنجاح الزّواج.
ومنذ فترة قصيرة تعرّفت على فتاه زميلة لي فى عملي وجدت بها كلّ ما رسمته لزوجة المستقبل لنفسي وتقرّبت إليها بالمناقشات العديدة حتّى شعرت أنّها تميل لي دون أن تصارحني بذلك ولكنّي وكما اعتدت للأسف لم أشعر نحوها بأي عاطفة رغم أنّي مقتنع أنّها زوجة مثاليّة بالنّسبة لي.
وهنا تردّدت كثيراً وارتبكت وخشيت أن أصارحها أنّي أنوي الارتباط بها خشية أن أظلمها فيما بعد لأنّني قد أتراجع في أيّة لحظة وأفسخ الخطبة دون سبب مهمّ وواضح ممّا يُضرّ بسُمعة الفتاة.
وإذا أقنعت نفسي بالزّواج منها ثمّ طلّقتها لعدم شعوري تجاهها بالحبّ أكون ظلمتها ولن أسامح نفسي أبداً.
وممّا زاد من ارتباكي أكثر أنّني صادفت فجأة فتاة حبّي الأوّل حيث وجدتها أمامي دون مقدّمات، وبدأت تذكّرني بذكريات حبّي لها وتتقرّب لي دون تصريح كعادة الفتيات الشّرقيّات مع العلم أنّها لا تناسبني مادّيّاً ولا تستطيع الحياة في مستوى معيشتي البسيط ولا أستطيع أن أقبل زواجي منها بمساعدة أبيها أو على نفقته.
أنا مرتبك للغاية ولم أستطع أن أجد مَخرجاً، فهل أجده لديك أخي؟
...
أخي العزيز،
إنّي أُقدّر حجم معاناتك، فأنت عندما تجد الشّخصيّة المناسبة لا تشعر بمشاعر تجاهها، وعندما تشعر بمشاعر تجاه شخصيّة أُخرى فإنّك لا تجدها مناسبة، ومن الواضح من كلامك أنّك شخصيّة منضبطة وتريد أن تعيش باستقامة، وأيضاً أنت عقلاني وتفكّر جيّداً قبل أن تخطو خطوات مهمّة في حياتك، إنّني بحقّ أمدح هذا فيك بشدّة. أدعوك لنفكّر معاً في بعض النّقاط، كما سأضع أمامك بعض الأسئلة التي تحتاج أن تجيب عنها:
- لكي تستطيع أن تختار شريكة حياتك لا بدّ أن تكون مناسبة لك وأيضاً تشعر بمشاعر تجاهها، هذه المشاعر ليست شرطاً أن تكون قويّة وعنيفة، لكن فقط يكفي أن تكون موجودة كبداية للطّريق، لأنّ الحُبّ الحقيقي ينمو ويقوى مع الأيّام.
ولكن أيضاً إذا كانت المشاعر قويّة ولا توجد مؤهّلات أُخرى تجعل الارتباط مناسباً، فالمشاعر وحدها لا تكفي، لأنّها متقلّبة ومتغيّرة، وعندما يتواجه الشّريكان مع ضعفات بعضهما البعض، أحياناً كثيرة لا تصمد المشاعر، ولكن الذي يصمد هو الاقتناع وأيضاً قرار الالتزام بهذا الشّخص إلى الأبد.
لذلك قبل أن تختار شريكة حياتك، تحتاج أن تعرف "من أنت"، ماذا تحبّ في الحياة وماذا تكره، ما هي صفاتك، ما هي أولويّاتك، ما هي الصّفات التي لا تستطيع أن تحتملها في الآخرين، وما هي الصّفات التي تحبّها في الآخرين، ما هي أحلامك لحياتك المستقبليّة، لماذا تريد أن تتزوّج؟؟
إجابات هذه الأسئلة ستساعدك لكي تدرك مَن المناسِبة لك. أمّا عن لماذا مشاعرك لا تتحرّك تجاه زميلتك التي أنت ترى أنّها مناسِبة لك، فمن المحتمل أنّك مازلت متعلِّقاً بالفتاة الأخرى التي عندما رأيتها شعرت بالحنين، أو أنّك بسبب قرارك بأن تغلق على مشاعرك لأنّه ما من مرّة نجحت مشاعرك في أن تصل بك إلى الزّواج، أصبحت مشاعرك مكتومة ومُعاقة عن النّمو. أيضا أريد أن ألفت انتباهك إلى أنّه ليست كلّ شخصيّة جيّدة وفيها صفات تحبّها تكون مناسبة لك، لوجود ما يسمّى بالكيمياء بين النّاس، ولهذا توجد فترة الخطبة حتّى يتأكّد الشّريكان من مدى مناسبتهما لبعضهما.
عزيزي فكّر جيّداً لماذا أنت لم تعد تشعر بمشاعر تجاه أيّة فتاة، وأحذّرك ألّا تأخذ أيّة خطوة من باب اليأس أو لأنّه لا يوجد بديل، لأنّ الزّواج هو رحلة الحياة مع شخص تكون مقتنع به وتريد أن تعطي له بلا حساب، رحلة فيها تحقّقان أهدافاً معاً وتبنيان حياتكما. إنّه ليس مجرّد مشاعر أو حتّى لائحة صفات جيّدة، يقول الكتاب المقدّس في سِفر عاموس 3: 3
، أي أنّه لا يستطيع شخصان أن يسيرا معاً في الحياة، إن لم يتّفقا.
أخيراً أريد أن أشجّعك بحقيقة أنّ الله الخالق الذي يعرفك جيّداً لأنّه صانعك ويعرف كلّ تفاصيل حياتك، يريد ويستطيع أن يساعدك، يقول الكتاب المقدّس في رسالة يعقوب 1: 5 ، أشجّعك أن تلجأ إليه.
والرّبّ معك
المحرّر