هذا سؤال يخطر ببال كثيرين من المؤمنين بالرّبّ يسوع المسيح، الذين عرفوه معرفة حقيقيّة واختبروا نِعَمه وبركاته السّماويّة ومحبّته الطّاهرة وسلامه العجيب.
وهذا السّؤال قادني إلى البحث بجديّة عن جوابٍ وافٍ، فتوصّلت إلى عدّة أسباب تُبيِّن عدم إيمان قوم من النّاس بالرّبّ يسوع المسيح وبتعاليمه الإلهيّة السّماويّة. وقبل أن أعرض الأسباب التي توصّلت إليها، أصلّي كي يفتح الرّبّ يسوع المسيح عيون من لم يؤمنوا به بعد، فتزول من عقولهم كلّ الموانع والحواجز التي تقف حائلاً دون إيمانهم به إيماناً حقيقيّاً مؤسَّساً على رسالة الإنجيل المقدّس. أما الآن فعديدة هي الأسباب لعدم إيمان كثيرين من البشر بالرّبّ يسوع المسيح، أذكر منها:
عدم معرفتهم بالرّبّ يسوع المسيح
كثير من النّاس لا يؤمنون بالرّبّ يسوع أو بتعاليمه لأنّهم لا يعرفون عنه شيئاً، أي أنّهم لم يسمعوا به أو عنه. هؤلاء لم تُتح لهم الفرصة لقراءة الكتاب المقدّس وخاصّة الإنجيل الذي يتكلّم عن شخص المسيح وصلاحه، وبرّه، وقداسته، ونقائه، وطهارته، وكماله، وخلوّه تماماً من أيّ ذَنْب، أو غشّ، أو خطيّة. لا يعرفون كيف وُلِد من عذراء بدون أب، ولا يعرفون تعاليمه الفريدة التي جعلت حتّى أعداءه يقولون عنه إنجيل يوحنّا 7: 46 . ولا يعرفون عن معجزاته العجيبة، كردّ البصر للعُمي، شفاء المرضى على أنواع علاّتهم بكلمة من فمه، مشيه على الماء، وأمره العواصف لتهدأ فخضعت لكلمته، وهو أقام الموتى مانحاً لهم حياة جديدة. لا يعرفون عن حبّه للبشر حتّى أنّه جاء إلى هذه الأرض ليبذل نفسه فداءً عن كلّ النّاس، ويموت على الصّليب ليدفع عقاب آثام وذنوب البشريّة كلّها. ولا يعرفون عن قيامته من الأموات وظهوره لتلاميذه بعد موته. ولا يعرفون عن صعوده إلى السّموات أمام أَعيُن تلاميذه. ولا يعرفون أنّه سيأتي مرّة ثانية ليَدين ويحكم على كلّ إنسان في الآخرة، والأخطر من كلّ هذا لا يعرفون أنّه بالإيمان به إيماناً صادقاً صحيحاً سليماً مُثمِراً ثماراً للتّوبة صلاحاً وفضيلةً، ينال المؤمن التّائب، نعمة الحياة الأبديّة. لا يعرفون كلّ ذلك. إذن، من الصّعب على فرد أن يؤمن بالرّبّ يسوع المسيح بدون قراءة أو الاستماع للكتاب المقدّس.
الخطيّة تبعدهم عن الرّبّ يسوع المسيح
سبب آخَر يمنع الإنسان من الإيمان بالرّبّ يسوع، وهو حُبّ الخطيّة والإثم، وعدم الرّغبة في تغيير السّلوك المعوّج والسّير مع الله في التّقوى والبرّ والصّلاح. ولقد نهَى الرّبّ يسوع المسيح عن الإثم والشّرّ والخطيّة، ليس فقط في الأعمال والمظاهر الخارجيّة ولكن أيضاً في العقل والقلب. ولقد أدان الرّبّ يسوع الرّياء والغشّ والمكر، وأوضح في تعاليمه أنّ الله قدّوس وأنّه يرى ما في القلب وفي العقل، ويطلب طهارة الإنسان من الدّاخل بفكره وأحاسيسه واتّجاهاته. وللأسف، يتظاهر كثير من النّاس بالتّقوى والورع ولكن داخلهم مليء بالشّرّ والنّجاسة. ولقد قال الله في سِفر إشعياء 29: 13 . ولقد قال الرّبّ يسوع المسيح عن رفض النّاس له في إنجيل يوحنّا 3: 19 - 21 . يغشّ ابليس الكثيرين من النّاس فيقنعهم أنّهم ليسوا بحاجة للمسيح لخلاصهم، كما يلهيهم بأمور دنيويّة فيصوّرها لهم بملذّاتها وأفراحها الخدّاعة الغشّاشة الزّائلة، فيقعون فريسته ويفقدون خلاصهم. يقول الإنجيل المقدّس في رسالة بطرس الأولى 5: 8 .
الكبرياء يحجب إيمانهم بالرّبّ يسوع المسيح
كبرياء الإنسان يدفعه لعدم الإيمان بالرّبّ يسوع. فلقد أكّد الكتاب المقدّس أنّنا جميعاً خطاة ومذنبون أمام الله، إذ لا يمكن لأيّ فرد أن يصل إلى الكمال الذي يرغبه الله. فنقرأ في الكتاب المقدّس في رسالة رومية 3: 23 ، وفي سِفر إشعياء 64: 6 . إذن، حتّى أعمالنا البارّة،أي الصّالحة، هي كثوب قذر أمام الله القدّوس الكامل. ومع أنّ الكتاب المقدّس كلمة الله يعلن من هو الرّبّ يسوع المسيح وماذا صنع للبشر كي يخلصوا، ووعد أنّ كلّ من يؤمن به ينال نعمة الخلاص مجّاناً، فإنّ كثيرين أبوا الإيمان به بسبب عنادهم وكبريائهم، وأبوا التّعلّم من السّيّد المسيح الذي يقول في إنجيل متّى 11: 29 . الكبرياء خطيّة تمنع الإنسان عن الإيمان بالرّبّ يسوع المسيح، الله لا ولن يرضى على المتكبّرين بل سيعاقبهم إن لم يرجعوا ويتركوا كبرياءهم ويتواضعوا أمامه. ينبّهنا بطرس الرّسول موصياً في رسالة بطرس الأولى 5: 6 .
رفضهم الرّبّ يسوع المسيح كما أعلنه الإنجيل المقدّس
يؤمن كثيرون بالسّيّد المسيح باعتباره نبي ومُرسَل من الله فقط، ولا يؤمنون به باعتباره "الله الذي ظهر في الجسد" أو "ابن الله" أو "الرّبّ"، ولا يؤمنوا "لا بموته ولا بقيامته ولا بفدائه"، لأنّهم كما نقرأ في رسالة كورنثوس الثانية 4: 4 . يظنّ أولئك النّاس أنّ إيمانهم بالمسيح كما عرفوه في كتابهم كافٍ، ولكن، هذا غير صحيح البتّة إذ أنّ من يؤمن بالرّبّ يسوع عليه أن يؤمن به كما أعلنه أو أظهره الكتاب المقدّس للعالم، وإيمان دون ذلك فهو إمّا باطل وإمّا ناقص وفي كلا الحالين إيمان مرفوض من الله لأنّه ينكر هويّة المسيح الحقيقيّة، والرّبّ يسوع يقول في إنجيل متّى 10: 33 .
الإلحاد جعلهم يرفضون الرّبّ يسوع المسيح
لا يؤمن كثيرون بالمسيح لأنّهم لا يؤمنون بالله ولا يعترفون بوجوده (الملحدون). فهؤلاء يعتبرون أنّ الكون وُجِد صدفةً نتيجة عوامل طبيعيّة، وهم يسخرون من الأديان برمّتها فيحسبون الدِّين "أفيون الشّعوب". مثل هؤلاء ينطبق عليهم قول الله على فم عبده ورسوله بولس في رسالة فيلبّي 3: 18 و19 .
صديقي القارىء، إذا كنت واحداً من أولئك الذين لا يؤمنون بالرّبّ يسوع المسيح لأحد الأسباب المذكورة أعلاه أو لأيّ سبب آخر، تأكّد أنّك لست في الطّريق الصّحيح. راجع أفكارك وتأمّل في رسالة الإنجيل المقدّس، المصدر الوحيد لتتعرّف على شخص الرّبّ يسوع المسيح من يحبّك محبّة شخصيّة. تواضع أمام عظمة الله جابلك وخالق هذا الكون الرّحب، آمِن بالرّبّ يسوع واترك خطاياك عنده وهو يطهّرك منها ويمنحك خلاصه ويكتب اسمك في سفر الحياة. يقول الرّبّ يسوع المسيح في إنجيل يوحنّا 8: 12
، وإنجيل يوحنّا 6: 37
.