من المتّفق عليه أنّ العبادة لا تجوز إلا لله وحده، وأنّ عبادة غير الله هي كفر وهرطقة وابتداع وسلب لحقّ من حقوق الله على الإنسان. فإنْ كان هذا ما نؤمن به نحن المؤمنون بالمسيح، فيبقى السّؤال المطروح هو: "لماذا نعبد المسيح بالرّغم من أنّه لم يطلب منّا ذلك بصريح العبارة خلال وجوده على الأرض؟
سؤال وجيه يطرحه علينا المعترضون على عبادة المسيح، وسبب طرحهم هذا السّؤال هو كونهم يؤمنون بالمسيح على أنّه إنسان نبي فقط لا يستحقّ العبادة. لذا، من حقّهم أن يطرحوا هذا السّؤال في الشّكل، ومن حقّنا أن نوضّح لهم أنّ إيماننا بالمسيح يفوق كونه فقط إنساناً نبيّاً فقط.
عبادة المسيح الإله
يعبد المسيحيّون المسيح ليس لأنّه إنسان نبي، بل لأنّه الرّبّ الإله المتجسّد ولأنّه الله الكلمة المتجسّد. وحيث أنّ الله أمر بعبادته كما يخبرنا الكتاب المقدّس في سِفر الخروج 23: 25
، وفي سِفر التّثنية 6: 13
، وحيث أنّ الله أمر بعبادته فهذا يعني أنّه ليس مضطراً في كلّ مرة أن يؤكّد لنا على ضرورة عبادته، هذا من جهة، أمّا من جهة ثانية فإنّ المهمّة التي تجسّد الله من أجلها في شخص المسيح لا يندرج في سياقها، كأمر أساسي، تذكير الله للنّاس أو مطابلته إيّاهم بعبادته.
إذاً، يبقى علينا إثبات حقّ المسيح بالعبادة بإثباتنا أنّه ليس مجرّد إنسان نبي فقط، بل بإثبات كونه الرّبّ الإله المتجسّد. كيف نؤمن أنّ المسيح هو الرّبّ الإله؟ نؤمن بذلك من خلال: أقواله وأعماله وصفاته.
أقوال المسيح
ممّا قاله الرّبّ يسوع عن نفسه:
- قال الرّبّ يسوع لليهود في إنجيل يوحنّا 8: 56 - 58
، إنّ الكلمة "كائن" وردت في سِفر الرّؤيا أيضاً حيث قال الرّبّ يسوع عن نفسه إنّه الكائن والذي كان والذي يأتي، ومعنى هذه الكلمة في لغة الإنجيل الأصليّة أي اليونانيّة، يفيد من لا بداية له، أي "الأزلي الوجود"، وأيضاً يقول المسيح عن نفسه في سِفر رؤيا يوحنّا 1: 8، 21: 6، 22: 13
.
- أعماله
نحن لا نؤمن بالمسيح أنّه إله لأنّه قام بأعمال عجائبيّة ومعجزات عظيمة، بل نؤمن بأنّه قام بها كونه الرّبّ الإله. يوجد أنبياء كثيرون صنعوا معجزات، وكذلك صنع تلاميذ المسيح معجزات كثيرة، فهل سنقول عنهم إنّهم آلهة؟ طبعا لا، والسّبب لأنّهم مجرّد بشر منحهم المسيح نفسه بسلطانه الإلهي، القدرة على صنع المعجزات (إنجيل متّى 10: 8
). فالمسيح أظهر سلطانه الإلهي بأعمال إلهيّة كثيرة: إقامة الموتى (إنجيل لوقا 8: 53 - 55
)، شفاء المرضى (إنجيل لوقا 17: 11 - 13
)، إخضاع الطّبيعة له (إنجيل مرقس 4: 37 - 41
)، إخضاع الأرواح الشّرّيرة (إنجيل متّى 17: 18
)، وسلطانه بتغيير أو بتعديل الشّريعة (إنجيل متّى 5: 22
)، وبوجوده في كلّ مكان وزمان (إنجيل يوحنّا 3: 13
)، وبتخطّيه المنطق في السَّير على المياه (إنجيل متّى 14: 25
)، والدّخول والأبواب مغلقة (يوحنّا 20: 26
). أضف إلى ذلك سلطانه في غفران الخطايا والمعاصي وفي وَهبه الحياة الأبديّة (إنجيل يوحنّا 6: 40
، كما أنّه منح تلاميذه السّلطان على شفاء المرضى وإقامة الموتى (إنجيل متّى 10: 8
).
صفاته
- من صفاته الإلهيّة نذكر اثنتين:
- الخالق: لا يوجد إلّا خالق واحد وهو الله له المجد. وحيث أنّ الإنجيل المقدّس يعلن لنا أنّ الخليقة خُلِقَت في المسيح فيقول في إنجيل يوحنّا 1: 3
، وأيضاً مكتوب في رسالة كولوسي 1: 16
.
- الدّيّان: نحن نعلم أيضاً أنّ الله هو الدّيّان، أي الذي يدين النّاس بالعدل يوم الحساب، والمسيح أكّد لنا أنّه هو الدّيّان حين قال في رؤيا يوحنّا 22: 12
.
أخي القارئ، هذه هي بعض الأدلّة عن سبب عبادتنا المسيح. نصلّي للرّبّ أن تعرفه كما نعرفه نحن وتؤمن به كما نؤمن به نحن بحسب الإنجيل المقدّس
يمكنك تحميل وقراءة الإنجيل المقدس مجاناً (من هنا)
ماذا تعني عبارة "المسيح هو ابن الله"؟
هل يؤمن المسيحيّون بإله واحد أم ثلاثة؟