يظن البعض أن الإلحاد بدأ بعد ظهور داروين بنظرية التطور، ولكن
هذا الاعتقاد خاطئ تماماً، فالإلحاد موجود في التاريخ القديم وموجود أيضاً في الكتاب المقدس. فيقول في مزمور 14 "قال الجاهل في قلبه ليس إله"
أول هذه الحركات المسجلة تاريخياً للإلحاد كانت في الهند بالتقريب 1000 (ق.م.)، حيث كانت أول علامات الشك في النص المكتوب "Rig-Veda" (أحد المخطوطات المقدسة للديانات الهندية): "من يعلم عن يقين؟ من يعلنها هنا؟ متى ولد ومتى تكون هذا الخلق؟ الآلهة خلقت بعد ميلاد هذا الكون. إذن من يستطيع أن يعلم من أين نشأ الكون؟ لا أحد يعلم كيف تكون الخلق ولا هل هو (الإله الأعظم) من صنع العالم أم لا. هو من يفحص الكون من السماوات العليا، هو من يعلم، أو ربما هو لا يعلم".
وبعد ما يقرب من 500 عام أخرى ( 500 ق.م.) ظهرت البوذية، والتي استوحت أفكارها من الـ Rig-Veda" حيث حاول بوذا (563-483 ق.م.) أن ينقل الفكر من التركيز على الآلهه، والتي كان عددها قد جاوز الآلاف في الهندوسية، إلى التركيز على المعاناه الإنسانية والخلاص منها.
فأرجع سبب المعاناه إلى تعلق البشر ورغباتهم، وهي التي تخلق الألم عند عدم تحقق الرغبات، وللتخلص من المعاناه والألم، ينبغي التخلص من الرغبة. وبالتالي الوصول إلى النرفانا، أو اللاتعلق، أو اللارغبة. وفيها يتوحد الإنسان بالكون ويذوب فيه.
وعندما سئل بوذا عن وجود الله لم يجب، فالبوذية لا تختص بالآلهة بل بالمعاناة البشرية وبالتالي لا تحمل أي إجابة عن الله، وهذا ما يصنف في العصر الحديث باللاأدرية "agnosticism".
وفي العصر نفسه تقريباً كانت الفلسفة اليونانية في كل أنحاء القارة الأوروبية، ففي حوالي عام 420 ق.م. ظهرت النزعة المادية في اليونان، وبدأ مبدأ الذرات كعنصر أوحد وأساسي للكون في الظهور على يد ديموقريطس "Democritus"، والذي دفع بنظريته إلى حد أنه ألغى وجود الآلهة في عالم مادي بحت، ويُقال أيضًا إنه من المؤسسين لعلوم الفلسفة والرياضيات ونظرية المعرفة.
و بحلول القرن الرابع قبل الميلاد (341-270 ق.م.) ظهر في اليونان أبيقور "Epicurus" والذي يعتبر أول فيلسوف ملحد ظاهر، وهو الذي أنشأ ولأول مرة "مجادلة الشر" التي تقول:
"هل الله يريد أن يمنع الشر ولكنه لا يستطيع؟ إذن فهو ليس كلي القدرة.
هل هو قادر على منع الشر ولكنه لا يريد؟ إذن فهو خبيث وشرير النزعة.
هل هو قادر ويريد منع الشر؟ إذن من أين أتى الشر؟
هل هو غير قادر ولا يريد منع الشر؟ إذن لماذا نطلق عليه إله؟"
و هذا مما قاده بعد ذلك إلى تبني إلهين، أحدهما للخير والآخر للشر، ويقال إنه لم يؤمن في حياة بعد الموت. وربما كان هذا بداية الحركة الفكرية التي قادت ذرادشت في فارس إلى الخروج بديانة الصراع بين إلهين إله الخير "أهور-مزدا" وإله الشر "أهرمن".
وفي العصر الحديث استنادًا لكتاب "تاريخ الخالق الأعظم" A History of God للكاتب كارين أرمسترونغ، فإنه ومنذ نهايات القرن السابع عشر وبدايات القرن التاسع عشر ومع التطور العلمي والتكنولوجي في الغرب بدأت بوادر تيارات أعلنت استقلالها عن فكرة وجود الخالق الأعظم.
هذا العصر كان عصر كارل ماركس وتشارلز داروين وفريدريك نيتشه وسيغموند فرويد الذين بدؤوا بتحليل الظواهر العلمية والنفسية والاقتصادية والاجتماعية، بطريقة لم يكن لفكرة الخالق الأعظم أي دور فيها.
وبدأ وقتها تبرز فكرة أن "الدين هو من صنيعة البشر ابتكروها لتفسير ما هو مجهول لديهم من ظواهر طبيعية أو نفسية أو اجتماعية، وكان الغرض منه تنظيم حياة مجموعة من الناس حسب ما يراه مؤسس الدين مناسبًا وليس حسب الحاجات الحقيقية للبشر..
اعتبر كارل ماركس الدين أفيون الشعوب فهو يجعل الشعب كسولاً وغير مؤمنًا بقدراته في تغيير واقعه كما أن الدين تم استغلاله من قبل الطبقة البورجوازية لسحق طبقة البسطاء.
أما سيجموند فرويد فقد قال: "إن الدين هو وهم كانت البشرية بحاجة إليه في بداياتها وأن فكرة وجود الإله هو محاولة من اللاوعي لوصول إلى الكمال في شخص مثل أعلى بديل لشخصية الأب، إذ أن الإنسان في طفولته حسب اعتقاد فرويد ينظر إلى والده كشخص متكامل وخارق ولكن بعد فترة يدرك أنه لا وجود للكمال فيحاول اللاوعي إيجاد حل لهذه الأزمة بخلق صورة وهمية لشيء اسمه الكمال".