في أحد مواقع الإنترنت نُشر مقال كبير عن مساهمة الزّوجة مع زوجها في مصروف البيت. كاتبة المقال وقّعتْ تحت اسم "بنت النّيل"، وبدأت مقالها بالافتتاحيّة التّالية:
رأيت الكثير من المشكلات التي تتعلّق بالنّواحي الماديّة بين الزّوجَين، وخاصّة فيما يخصّ حقوق الزّوجة الماديّة!. فكثير من الزّوجات العاملات يتشاجرنَ مع أزواجهنّ بسبب مُرَتبهنّ، وبسبب فرض أزواجهنّ عليهنّ الإنفاق منه على بيوتهنّ وأولادهنّ. بل يصل الأمر بهنّ أحياناً لأن يأخذ الزّوج راتب زوجته أوّلاً بأوّل، وإذا تكلّمتْ أو اعترضتْ يهدّدها بالطّلاق أو بحرمانها من عملها.
طبعاً المقال طويل ولا مجال الآن لذكره كلّه، لكنّي أُثني على جهد الكاتبة المبذول في توضيح المشكلة وشرحها. http://alfrasha.maktoob.com/archive/index.php/t-95799.html
وأقول:
نعم هذه حقيقة، إذ كثيراً ما تُعزى الخلافات الزّوجيّة لقِلّة المال، أو لعدم تفاهم الزّوجين حول شكل وطريقة استخدام النّقود في المنزل.
فهل الحاجة للمال والأزمات التي تمرّ بها الأُسرة هي سبب هذه الخلافات؟ أم أنّ هناك مُتّهَم حقيقي نحن لا ندركه، قد نشعر به لكنّنا نستثنيه ولا نشير إليه بأصبع الاتّهام؟
في الواقع هناك مُتّهَم ومُتسبِّب فعلي ورئيسي في الخلافات التي تحدث بين الزّوجَين حول موضوع المال وهو "محبّة المال".
قالوا في الأمثال: "القناعة كنز لا يفنى". عندما نتدرّب على القناعة في حياتنا، يمكننا التّغلّب على مشاكلنا الماليّة.
من أين تأتي القناعة:
تأتي القناعة، من الإحساس بالأمان ووَضع الثّقة والاتّكال الكامل على الله من نحو تسديد احتياجاتنا، ومن التّأكّد بأنّ ما يمنحنا إيّاه الله هو أفضل عطيّة يمكن أن تُمنَح لنا.
في المسيحيّة، محبّة المال هي أصلٌ لكلّ الشّرور كما يعلّمنا الرّسول بولس في رسالة تيموثاوس الأولى 6: 10
. إنّ محبّة المال مشكلة المشاكل فهي كما تقول الآية، أصلٌ لكلّ الشّرور، لأنّها تُعبّر عن عدم الإيمان بالله والثّقة به، وبالتّالي السّعي للشّعور بالأمان من خلال اكتناز المزيد والمزيد. وكلّما اكْتنَز الإنسان المزيد كلّما شعر بحاجة أكبر إلى المال، وهكذا يزداد الجوع أكثر فأكثر. الكتاب المقدّس يشجّعنا على رفض حُبّ المال والتّعلّق به، والثّقة في الله الذي لا يترك المتّكِلين عليه ولا يهملهم، كما في عبرانيّين 13: 5
.
الزّواج المسيحي شركة تعاونيّة، فالشّريكَين (الزّوجَين) يعملان معاً "كفريق واحد" متعاون في كلّ شيء، بما في ذلك مصروف البيت. مفهوم الكتاب المقدّس عن المال هو أنّنا لا نملكه، لكنّنا وكلاء عليه. والله هو الذي يعطينا القوّة لاصطناع الثّروة كما هو مذكور في تثنية 8: 18 . الله هو المالك الأصلي لنا ولكلّ ما هو لَنا. لذلك علينا عدم فصل الذِّمّة الماليّة بين الزّوجَين، لأنّها ذِمّة واحدة لكليهما. بمعنى آخَر، إنّ ما يملكانه هو حسابٌ مشتَرك بينهما، سواء كان في البنك أم في البيت. لكن على أساس الموافقة والاتّفاق معاً على بنود الصّرف المختلفة، أو بنود اختزان المال المختلفة بهدف الأمانة في هذه الوكالة، مع الاتّفاق بتحديد مصروف شخصي لكلّ من الزّوج والزّوجة بحسب احتياجاتهما المختلفة، ويكون لكلّ منهما الحريّة الكاملة في إنفاقه دون تدخُّل الآخَر.
إنّ الاحترام المتبادَل بين الزّوجَين يحفظ علاقتهما صحيحة على الدّوام، وكذا التّفاهُم المتبادَل في كلّ شيء هو الأمر الذي يحفظ العلاقة سليمة وصحيحة.
أمّا الثّقة المتبادَلة بينهما فهذا هو الأمر المُكلِف، الذي يتطلّب مصداقيّة في الكلام ووفاء للوعود وشفافيّة في كلّ موقف في الحياة، مثل عدم الطّمَع في الآخَر.
إنّ الطّمَع أو الاكتفاء لا يختصّان بالمال، بل بحالة القلب، لذلك إن كانت لديك مشكلة في الإيمان، فيقيناً سيكون لديك مشكلة في المال.
ولتعالج هذه المشكلة أدعوك لتقرأ ما كُتِب في: إنجيل متّى 6: 24
. وإنجيل لوقا 12: 34
. ورسالة بولس الرّسول الأولى إلى تيموثاوس 6: 6
.
كتبه د. مفيد جميل
عزيزي القارئ، نرجو منك كتابة رأيك في هذا الموضوع سواء كان يتوافق أو يتعارض مع الرّأي الموجود في هذا المقال.
موضوعات لها صِلة بالمقال: