استطاع الإنسان – أعظم مخلوقات الله – أن يحقّق انتصارات كثيرة في كلّ مجالات الحياة.
وصعد الإنسان إلى أعلى مراتب العلم والمعرفة، وبلغ ذروة الرُّقيّ الاجتماعي والأدبي. واستطاع أن يقهر الجبال والبحار والفضاء، كما استطاع أن يروِّض الوحوش ويُخضِع الطّبيعة.
لكن الإنسان المسكين، مهزوم أمام أشياء صغيرة، فهو يضعف أمام رغبات النّفس!. ورغبات النّفس قد تكون عالية سامية، وقد تتدنّى إلى أدنى الدّرجات.
أمام أحد المحلّات الكبيرة، وقفت سيارة فارهة، نزلت منها إحدى سيّدات المجتمع المعروفات، وما أن وضعت قدمها في المحلّ الكبير، حتّى اتّجهت إليها الأنظار، وأسرع الجميع لتلبية إحتياجاتها. وفي قسم المجوهرات أخذت تتأمّل القطع المعروضة، فلم يَرُق لها شيء ممّا رأت. فأسرع المسؤولون بفتح الخزائن الخاصّة، فلِمثل أولئك الكبار تُفتح الخزائن. وأخذت السّيّدة تُقلِّب القطع الثّمينة بين يديها وسط ترحيبات العاملين.
وقبضت السّيّدة على خاتم ماسيّ صغير، واشتهته شهوة جامحة أفقدتها صوابها وعقلها، فإذا بها تدسّه في جيبها في لمحة بصر دون أن يلحظها أحد، فهي فوق جميع الشّبهات.
وعند الباب الخارجي كانت الفضيحة المُرّة التي مرّغت في التّراب وجه سيّدة من وجوه المجتمع الرّاقي.
أ ليست هذه السّيّدة – مثلاً – مقهورة أمام خاتم صغير.
أ ليست هذه السّيّدة مهزومة أمام شهوة جامحة استطاعت أن تمرّغها في الوحل.
وهناك نماذج كثيرة للضّعف الإنساني الذي لا حدود لدنياه.
لكن هذا السّقوط أمام مغريات الحياة المتنوِّعة، ليس من خصائص هذه السّيّدة بالذّات، فالضّعف الإنساني – أمام شيء ما – هو من خصائص البشر عامّةً. الفارق الوحيد بين هذه السّيّدة وبيننا، هو أنّ شهواتها قد افتُضِحت في عين المجتمع، بينما نستميت نحن في إخفاء شهواتنا والتّستُّر على خطايانا!.