إنّ يوم 30/6 هو انعكاس لسلسلة طويلة من مسلسل سقوط الأصنام.
لن أناقش الأوضاع السّياسيّة التي تحدث في العالم العربي ولكنّي سأذهب إلى التّغيُّرات الذّهنيّة التي دفعت شعوب الشّرق الأوسط لأن تتمرّد وتثور.
الأصنام هي عبارة عن تجسيد مادّي لصُوَر الآلهة، وعلى أساس ذلك يتم تقديمّ الطّقوس والعبادة لهذه التّماثيل التي تُجسِّد مُقدَّسات لدى البشر.
نظنّ جميعاً أنّ عبادة الأصنام انتهت من الشّرق الأوسط بعد دخول ما يُطلَق عليه الدّيانات الإبراهيميّة، ولكن إذا نظرنا نظرة أكثر عمقاً وتحليلاً سنكتشف أنّ عبادة الأصنام لم تنتهي ولكنّها أخذت شكلاً أكثر تطوّراً وتعقيداً وخطورةً!
سقوط الأصنام
نَحَتنا في فراغ أذهاننا أصنام تُجسِّد معتقداتنا عن كلّ شيء حولنا، أصبحت هذه المعتقدات جامدة مثل الصّنم، لا تتكلّم ولا تتناقش، لا تشعر بنا ولكنّنا نعبدها. كبيرة جدّاً وضخمة وقاسية ونحن صغار وضعاف أمامها. ثقيلة علينا ولكنّنا نقوم بحملها وحمايتها لأنّها لا تستطيع حماية نفسها ..
قادة الشّعوب والسّياسيّين ورِجال الدِّين والأهل وأساليب التّعليم القائمة على الحفظ والتّكرار .. كلّ هذه نَحَتَت في عقولنا أصنام كثيرة ..
هناك أصنام عن صورة الله وعبادته وما نعتقده ونؤمن به ..
وهناك أصنام عن البشر، فقد قدّسْنا البشر وأَطَعناهم طاعة عمياء وتركناهم يتحكّمون في حياتنا ومستقبلنا وأبديّتنا ..
هناك أيضاً أصنام أَقَمناها عن أنفسنا ولذلك أصبح لدينا تصوّرات جامدة وسلبيّة عنها أدّت لأن تتقيّد قدرتنا فعجزنا عن اكتشاف حقيقة أنفسنا.
تسقط الأصنام حينما نبدأ في البحث الحقيقي عن المعرفة، حينما نتمرّد عليها ونعطي الحريّة لعقولنا لكي تفكّر وتبحث وتفنّد وتنتقد ..
التّمرُّد
إنّ إنسانيّتنا تميل إلى الصّدق والبحث عن الحقيقة، وعندما تتضخّم لدينا علامات الاستفهام لتصبح أكبر من هذه الأصنام فإنّنا نكون وقتها قد وضعنا أَرجُلنا على بداية طريق التّمرُّد.
لقد بدأ الكثير منّا السّير في طريق حريّة الفكر، وهذا بدوره سوف يقودنا إلى أن نثور على الأوضاع المغلوطة من حولنا .. نثور لكي تسقط أصنام الدّيكتاتوريّة والجهل والكذب .. نثور لكي نستردّ إنسانيّتنا وحرّيتنا التي سُلِبَت منّا. ونثور أيضاً لكي نقترب من معرفة الإله الحقيقي ..
رحلة البحث والتّمرُّد
الحقيقة أنّي أدعوك لأن تتمرّد على أصنامك، أدعوك لأن تُسقِط القوالب الثّابتة في ذهنك عن الله وعن نفسك وعن أمور الحياة من حولك.
قد تطول مدّة بحثك عن المعرفة، قد تتخبّط في رحلة بحثك، قد تحتار وقد تُلحِد، قد تتصارع الأفكار مع أصنامك القديمة صراعاً طويل المدى، ولكن من المؤكَّد أنّك ستصل في النّهاية إلى معرفة حقيقيّة.
وعليك أن تدرك جيّداً أنّك وقتها ستكتشف نفسك وإمكانيّاتك وقدراتك من جديد.
عليك أن تدرك جيّداً أنّ الله لا يلومك على بحثك عنه، لقد خَلَقنا أحراراً، لم يَخلق عقولنا بهذه الإمكانيّات لكي نغلقها بأقفال على أصنامنا الجامدة.
عزيزي الباحث
إذا بدأت في التّحرُّر من أصنام ذهنك، وإذا بدأت في التّمرُّد عليها، وإذا كان لديك أيّ أسئلة فلا تتردّد في مراسلتنا، ونَعِدك بأنّنا لن نقوم ببناء أصنام جديدة داخل عقلك، ولن نقول لك افعل أو لا تفعل، ولكنّنا سنساعدك في بحثك الجادّ عن المعرفة، وسنحاول مساعدتك في الوصول لإجابات أسئلتك ..