إخوتي، سبق ووضعنا على موقع معرفة استفتاءً عن صورة وشكل فارس الأحلام، وأنتم معي في أنّ سؤالاً كهذا من الواجب
طرحه والتّفكير فيه، لأنّه يهمّ الفتيان والفتيات والأهل والمُربّين على السّواء، فهو لا يتعلّق بمستقبل ومصير طالب الزّواج فحسب، بل يتعلّق ويحدّد مستقبل ومصير عائلة بأكملها.
نحن هنا في موقع معرفة وجّهنا هذا السّؤال إلى الفتيات، مع أنّ الأمر عام ويمكن للجميع الإجابة عنه وإبداء رأيهم فيه. نتيجة الاستفتاء جاءت على الشّكل التّالي: اختارت غالبيّة الشّابات الاختيار الأخير "كلّ ما سبق"، ليأتي بعده على التّوالي "أن يكون مثقّفاً ومن عائلة"، "كريم وعلى خُلُق" ثمّ "مُحِبّ وحنون"، وأخيراً "وسيم وغني".
الصّورة الورديّة لفارس الأحلام:
لو سألت الشّابات الصّغيرات عن شكل فارس الأحلام، لجاءت إجاباتهنّ مختلفة عن إجابات الشّابات الأكبر سنّاً. لماذا؟ لأنّه ومع تقدّم العمر يختلف شكل الأحلام وتصبح الضّروريات كماليّات والكماليّات ضروريّات. فما هي الصّورة التي خلقتِها لفارس أحلامكِ صديقتي خلال فترة مراهقتك؟ وهل اختلفت اليوم وتغيّرت؟
من صاحب الحقّ في الاختيار:
في مجتمعاتنا الشّرقيّة المنغلقة وإلى وقت قريب، لم يكن من حقّ الفتاة الخَوض في تفاصيل شكل فارس الأحلام المناسب، وما كان يحدث هو أنّ الأهل هم من يحلمون لابنتهم بشكل العريس اللّائق، على الرّغم من كون ما يناسب ويروق للأهل قد يختلف تماماً عمّا في قلب الفتاة وفكرها وطموحاتها.
سنوات العمر الضّائع والخيبة المستمرّة:
مع تأخُّر سنّ الزّواج عند الشّاب والفتاة ومع إحباطات مستمرّة يعاني منها الاثنان، ناهيك عن ضغوطات الحياة والحالة الاقتصاديّة والبطالة وغلاء المعيشة والسَّكَن، لم يعُد فارس الأحلام ذو الطلّة الجميلة والطَّلعة البهيّة حديث الصّبايا والشّابات، لأنهنّ بِتنَ يبحثنَ عن رَجُل مقتدر يمكن له أن يجنّبهنّ عناء الحياة ويوفّر لهنّ الغذاء والمسكن والعيش المحترم.
أحياناً لا تكون مجرّد أحلام:
قد يكون الحلم بهذا الفارس أكبر وأوسع، فقد يتحوّل إلى ردود أفعال هرباً من واقع مرير أو من صُوَر مؤلمة، بحثاً عن جزيرة أو شاطئ أمان في بحر العالم المتلاطم.
المُعوِّض:
تبحثين عن رَجُل يعوِّضك عن أخ أو أب أو صديق ضائع، فتصنعينَ لفارسك صورة عن والد غاب عنك وأنت صغيرة سافر أو توفّي. تَسعين لتجدي في فارس أحلامك الحنان والحبّ والعائلة. تَريه أمل الغد والحضن الدّافئ والملجأ في الأزمات والمستمع الجيّد، المُشير عند أخذ القرارات والنّاصح الأمين، الدّاعم والمشجّع والسّنَد القوي للوصول إلى الأفضل. وهو يراك قويّة الشّخصيّة بطَلة المستقبل، يُشعرك بأنّ جمال الكون كلّه متعلّق بما يراه فيك من صفات.
المنقِذ:
وإن كنتِ في بيئة تُهين المرأة وتحتقرها، تسمعين الإهانة والكلام السّلبي والشّتائم والافتراءات، فترين نفسك حزينة وحيدة مقهورة ومظلومة، وتبدأين بالبحث في أحلامك عن شخصيّة المنقذ. سوبر مان بطل القصص الأسطوريّة الذي لا يمكن قهره، من يدافع عنك ويحطّم كلّ من يحاول لمس هدب ثوبك، المُنجّي الذي يظهر من العدم ويختفي إلى المجهول، من يقدّم لك كل الحبّ والحنان ولا يطالبك بشيء ويمنحك القوّة والجبروت ويعينك في العمل والدّراسة، يهتمّ بك ويغضب حين يُساء إليك. قوي العضلات جميل الجسم، كأنّه جبّار بأس خرج للحرب أو مجاهد سعى للغزو، معه لا تحتاجين للرّد على من يغيظك أو يضطهدك، لأنّه ينقذك من فم الأسد كما يقولون في الأمثال الشّعبيّة.
الرّومانسي:
في الأعمار الصّغيرة قد نجد الفتيات المراهقات ترسمنَ أحلاماً ورديّة حول شخصيّة فارس الأحلام، أحلاماً ذات ظلال رومانسيّة لم تعُد موجودة كثيراً هذه الأيّام. ربّما في السّبعينات كنّا نجد الفتيات يحلُمن بالشّاب الهادئ الوسيم الذي يُحبّ عن بُعد، النّاجح في عمله الذّكي والطّموح ابن العائلة والحسب والنّسَب، الخجول الذي يتحاشى التّعامل مع الجنس الآخر، يحاول نقل حبّه عبر ابتسامات طفيفة ونظرات هادئة. أمّا اليوم في زمن العولمة والكومبيوتر والإنترنت، بات هذا النّوع من الشّبّان مُستهجَناً عند الفتيات وبشكل خاص المراهقات الصّغيرات، فالمُثُل والقِيَم اختلفت ولم يعد يهمّ هدوءه ورزانته، بل باتت سرعته وشطارته هي المطلوبة، وصار بالإمكان بسهولة لقاءه عبر صفحات الإنترنت. فهل لا تزالين تعيشين عصر الرّومانسيّة البريئة؟
الكريم الغني:
في بعض الأحيان وبسبب ظروف الحياة نرى بعض الفتيات ممّن عانين الفقر وقلّة الحال، تسعينَ للبحث عن رَجُل غني "على أن يكون كريماً" يعوّضهنّ عن الحاجة وضيق اليد، ولتجدنَ فيه العائلة والأمان. سيّدات كثيرات بسبب هذا الأمر قد يتمادين أحياناً فيتّخذنَ الرّجُل مجرّد أداة لحلّ مشاكلهنّ الماديّة والظّهور بمظهر لائق أمام النّاس، رَجُل يمكنه أن يقدّم لهنّ السّيارات الفاخرة والمجوهرات والأموال، دون الاهتمام بما سيؤدّي بهم هذا الاختيار. إنّ اختياراً كهذا قد يقود في المستقبل إلى أسرة محطّمة مفكّكة وأولاد تغمرهم الأنانيّة، ولكي نكون صادقين، نعم هناك القليل من الزّيجات النّاجحة التي نتجت عن اختيارات من هذا النّوع، لكن في المقابل كانت هناك الكثير من الزيّجات الفاشلة.
أنت تستحقّين الأفضل:
عزيزتي لو فتحنا نقاشاً حول شكل العريس الذي تحلمين به والأسباب التي قادتك إلى تبنّي هذا الشّكل، فلن ينتهي الحوار أو النّقاش، لأنّ لكلّ فتاة أسبابها الجوهريّة والحقيقيّة في هذا الاختيار كما لها كلّ الحقّ في السّعي نحو حياة كريمة، فلا تقلقي ولا تحمّلي نفسك عبء الإحساس بالذَّنْب، فالله يحبّك والمسيح جاء لتكون لنا حياة وليكون لنا أفضل حيث قال بنفسه في إنجيل يوحنّا 10: 10
.
نصيحة، اعرفي نفسك أوّلاً:
كي تتمكّني من اختيار الشّخص المناسب عليك أن تعرِفي نفسك أوّلاً، تعرّفي على نقاط قوّتك ونقاط ضعفك، تعرّفي على احتياجاتك وعلى أحلامك في هذه الحياة. اعرفي قدراتك ومواهبك وانظري فيما بعد باحثة عن نقاط الالتقاء بينك وبين شريك الحياة. الخلفيّة والثّقافة المشتركة واللّغة والمستوى الدّراسي والتّعليمي والمادّي، من العلامات والنّقاط المشتركة بينك وبين شريك الحياة لكن هذا لا يمنع من وجود الاستثناءات، ولا يمنع من وجود زيجات ناجحة رغم الاختلافات.
معنى العطاء:
الزّواج عمليّة تكافليّة وتكامليّة، أخذ وعطاء، حُبّ وانسجام. قد تظنّين بأنّ زواجك سيحلّ لك مشاكلك، وبأنّ الرّجُل الذي سترتبطين به سيسدّد لك كلّ نواقصك وسيعطيك كلّ ما لديه، فتنسين دورك. الزّواج حُبّ متبادل وعطاء مشترك، في الزّواج تعطين وتأخذين، لذلك عليك امتلاك ما عليك منحه لهذا الإنسان الذي ارتبطت به.
وللاستفادة أكثر أدعوكِ لزيارة المواضيع التّالية: